حسب المتعارف عليه في علم الاقتصاد أنه تكون نظرية العرض والطلب صحيحة إذا كان كل من العرض والطلب مرتفعين جداً في أسواق تنافسية ولا يمكن التحكم بالأسعار من خلال موردين محددين وبالتالي تصبح هذه النظرية صحيحة ويشرحها المنحنى الموضح أدناه :
إذا ازداد الطلب على منتج أو خدمة ما وكان العرض قليلاً كان السعر المحدد لهذا المنتج أو الخدمة في أعلى نقطة له .
أما إذا نقص الطلب على منتج أو خدمة ما وكان العرض كبيراً كان السعر المحدد لهذا المنتج أو الخدمة في أخفض نقطة له.
ونقطة الوسط تمثل تعادل كل من العرض والطلب وعندها بالضبط يكون السعر لهذا المنتج أو الخدمة في منطقة مثالية متوسطة.
هذه النظرية صحيحة في سوق العقار في اسطنبول لأن عدد المطورين العقاريين كبير جداً وعدد المستثمرين كبير جداً أيضاً (يجب أن نضع بعين الاعتبار أن كل المستثمرين الأجانب لا يمثلون أكثر من 2% من نسبة المستثمرين المحليين في سوق العقار التركي) .
وبالتالي تصبح نظرية العرض والطلب صحيحة وهذا يعني أن زيادة عدد العقارات المتاحة للبيع يمثل عرض مرتفع والعكس صحيح .
أيضاً يمثل المستثمرون عنصر الطلب الذي يشكل القطب الثاني من الثنائية .
والآن كلما ازداد الطلب ونقص العرض كلما ارتفعت أسعار العقارات والعكس صحيح.
وهذا يجيب في الحقيقة على السؤال الذي أصبحنا نسمعه في الفترة الاخيرة بوتيرة أعلى بكثير من الماضي وهو :
لماذا أسعار العقارات في اسطنبول مرتفعة ؟
إذا أردنا أن نجيب من خلال الأسباب العملية فقط تكلمنا بالتفصيل في مقال سابق : ما هي أسباب ارتفاع أسعارالعقارات في تركيا 2022؟ عن هذه الأسباب ولكن اليوم سنجيب من خلال نظرية العرض والطلب وهو موضوع مقالنا مع الأمثلة العملية.
إذن ستكون الإجابة أحد احتمالين حسب نظرية العرض والطلب وهي إما أن الطلب مرتفع بشكل كبير جداً أو أن العرض منخفض بشكل كبير , كلا هذين الاحتمالين يسبب زيادة في الأسعار و لنناقش كل منهما :
هل الطلب ازداد على العقارات في اسطنبول ؟
حسب الإحصائية الرسمية من الحكومة التركية يمكننا ملاحظة ارتفاع الطلب منذ النصف الثاني من عام 2021 بشكل واضح مقارنة بنفس الفترة من عام 2020 وهذا يعني هناك زيادة في الطلب لا تقل عن 55% بين العام الماضي والذي سبقه وهذا بدوره سيؤدي إلى رفع أسعار العقارات في عام 2022 حسب نظرية العرض والطلب.
والآن لننتقل إلى العامل الثاني وهو هل نقص العرض ؟
بداية يمكننا القول بسهولة أن زيادة الطلب بشكل كبير يؤدي بالضرورة إلى نقص العرض وخصوصاً بعد خروج العالم من أزمة وباء الكورونا ومشاكل في سلاسل التوريد والتضخم وارتفاع أسعار مواد الإنشاء في العالم كله.
كل هذه العوامل وغيرها تقلل من رغبة المطورين العقاريين في زيادة المشاريع المنشأة وبالتالي لن يتمكن العرض في سوق العقار من مجاراة الطلب ومنه ستزداد أسعار العقارات .
و لنلق نظرة اليوم على سوق العقارات الجديدة في اسطنبول و نقارنه بالسنوات الماضية سنجد هذه الملاحظات التالية :
- عدد من مناطق اسطنبول لا يوجد فيها خيارات جديدة جاهزة للسكن فوراً وكل مشاريعها تقريباً قيد الإنشاء مثل توب كابي وأيوب وكوتشوك شكمجه واسكودار وبعض أحياء كارتال واتاشهير.
- حتى في المناطق التي ما زالت تضم بعض الخيارات الجديدة الجاهزة للسكن ما زال القسم الأكبر والمسيطر هو المشاريع قيد الإنشاء في كل مكان وهذا يدل على عجز في العرض مقابل الطلب المرتفع.
- في السابق كانت كل المشاريع قيد الإنشاء تعطي أقساط مدتها المتوسطة 36 شهراً بالليرة التركية وبعض المشاريع الجاهزة حتى تعطي أقساط .
- اليوم في معظم المشاريع الجاهزة لا يوجد أقساط وفي المشاريع قيد الإنشاء قسم كبير منها لا يقبل إلا طريقة الدفع الكامل وتقتصر الأقساط على قسم من المشاريع قيد الإنشاء وتكون مدتها المتوسطة 18 شهراً وغالباً بالدولار الأمريكي.
- وهذا بدوره يؤكد على أن ارتفاع الأسعار له علاقة وثيقة مع التضخم وعدم ثبات سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية كما سنناقش لاحقاً.
- نرى تفاوتاً واضحاً في عدد المشاريع المعروضة في كل منطقة من مناطق اسطنبول وبالتالي نظرية العرض والطلب تختلف من منطقة إلى اخرى وهذا يعني أن أسعار العقارات في كل المناطق لم ترتفع بنفس نسبة زيادة الطلب إنما بنسب متفاوتة لن يسعنا هنا تفصيل العرض والطلب في كل منطقة ولكن يمكننا تقديم استشارة مجانية من خلال التواصل معنا لتقديم لك أفضل المناطق التي ما زالت الأسعار فيها أفضل من غيرها.
ونأتي الآن إلى السؤال المهم الذي يبحث عنه الكثير من المستثمرين اليوم وهو :
هل ستنخفض اسعار العقارات في اسطنبول ؟
بل هل يجب أن أنتظر ليزداد العرض مجدداً في سوق العقار التركي وبالتالي تعود أسعار العقارات لما كانت عليه قبل منتصف عام 2021؟
ستكون الإجابة على هذا السؤال ناقصة ما لم نناقش كل الاحتمالات الممكنة ونستنتج منها استراتيجية يمكن الاعتماد عليها في اختيار الوقت المناسب للاستثمار.
الاحتمال الأول : انتظار زيادة العرض و نقصان الطلب وكلا هذين الاحتمالين يحتاجان لكي يتحققا فترة ليست باقل من 18 شهراً (حتى تكتمل معظم المشاريع قيد الإنشاء ) وحتى بعد هذا الوقت يمكن أن يستمر الطلب بالازدياد وخاصة مع إقبال تركيا على عام 2023 وبوابة جديدة للمستقبل التي ستجعل منها قوة لا يستهان بها وخطوة أكيدة على طريق وصول الاقتصاد التركي ليكون من العشرة الاوائل في العالم.
وبالتالي هذا ليس مضموناً .
الاحتمال الثاني : انتظار زيادة العرض حتى بدون نقصان الطلب وهنا يعني فترة أطول من الاحتمال الأول يمكن أن تصل إلى سنتين أو ثلاثة سنوات ومع ارتفاع مستويات التضخم العالمي وارتفاع أسعار مواد الإنشاء لن تنقض الأسعار أبداً ولو حتى نقص الطلب .
الاحتمال الثالث: انتظار نقصان الطلب حتى مع نقص العرض وهذا الاحتمال غير مضمون أبداً وخصوصي مع قدوم تركيا على عام 2023 كما ذكرنا سابقاً وبالتالي الطلب المتوقع لسوق العقار هو في نمو مستمر .
ما هي الاستراتيجية الأفضل للاستثمار في العقارات في اسطنبول الآن ؟
- إذا كانت هدفك الحصول على الجنسية التركية فما زالت الجنسية التركية حتى مقابل 400 ألف دولار فرصة لا تعوض مع تحقيق استثمار عقاري ناجح .
- إذا كان هدفك سكني فشراء العقار اليوم أفضل من الغد لأن السيطرة على التضخم العالمي مسالة تحتاج إلى عدة سنوات ولن نتوقع إلا المزيد من زيادة أسعار العقارات وضعف الدولار الأمريكي في السنوات القادمة.
- إذا كان هدفك استثماري يمكنك تقسيم خطتك الاستثمارية على جدول زمني يمكننا مساعدتك في إعداده وبالتالي حصولك على عقارك الأول الآن وعند ازدياد العرض لاحقاً او نقصان الطلب يمكنك تعزيز استثمارك وبالتالي ستبقى على المدى المتوسط والبعيد رابحاً.