تُعتبر تركيا من أكثر الدول التي تشجع على الاستثمار الأجنبي خصوصًا في قطاع العقارات٬ حيث تقدم تسهيلات وحوافز تلفت الانتباه وتجذب المستثمرين٬ منها منحهم الجنسية التركية عند شراء عقار أو مجموعة عقارات بقيمة 250.000$٬ إلا أن هناك عددًا من الدول التي يُمنع مواطنيها من تملك العقارات على الأراضي التركية لأسباب سياسية وتاريخية سوف نأتي بتفصيلها في هذا المقال.
التملك العقاري في تركيا ومبدأ المعاملة بالمثل
كانت الحكومة التركية سابقًا تمنع مواطني عددًا من الجنسيات الأجنبية من التملك العقاري في تركيا حيث كانت بلادهم تمنع الأتراك من التملك على أراضيهم أيضًا، ولكن بعد عام 2012 قررت تركيا إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل، وسمحت لجميع الجنسيات الأجنبية بالتملك العقاري على أراضيها، ومع ذلك٬ فقد بقيت خمس جنسيات أجنبية ممنوعة من التملك العقاري في تركيا، لأسباب متنوعة، سنأتي على تفصيل أسماء هذه الجنسيات والأسباب التي جعلت تركيا تستمر في منعهم من التملك العقاري على أراضيها حتى بعد صدور قرار واضح ينص على إلغاء مبدأ المعاملة بالمثل فيما يخص التملك العقاري في تركيا.
ماهي الجنسيات الممنوعة من امتلاك عقارات في تركيا؟
بحسب القوانين التركية فإنه يمكن لجميع الأجانب المقيمين في تركيا أو خارجها تملك العقارات فيها، ما عدا خمس جنسيات وهي: الجنسية السورية٬ الجنسية الأرمنية٬ الجنسية القبرصية٬ الجنسية الكورية الشمالية٬ والجنسية الكوبية. يستثنى من ذلك: الحاصلين على الجنسية التركية من مواطني الدول السابقة٬ الحاصلين على جنسية ثانية يُسمح لمواطنيها بالتملك العقاري في تركيا٬ ومواطني قبرص الشمالية.
لماذا المواطنين السوريين ممنوعين من تملك العقارات في تركيا؟
يعود ذلك إلى الخلاف الذي حصل بين الحكومة التركية وحكومة الانتداب الفرنسي في سوريا في عام 1939، بعد استفتاء قام به لواء إسكندرون حيث تم نزع الولاية من سلطة الانتداب الفرنسي وضم ولاية هاتاي إلى أراضي الجمهورية التركية، الأمر الذي قابلته حكومة الانتداب بحجز أملاك الأتراك في سوريا، فقامت الحكومة التركية بمنع السوريين من امتلاك العقارات في تركيا.
إذًا في عام 1939 قامت الحكومة السورية آنذاك بمصادرة الأصول والأموال المملوكة للأتراك وضمها إلى أملاك الدولة٬ الأمر الذي جعل الحكومة التركية تقوم بالمثل٬ ما تسبب في منع مواطني كل بلد من تملك العقارات في بلد الآخر.
وفي عام 2012 قامت الحكومة التركية بإلغاء قانون المعاملة بالمثل٬ إلا أن أصحاب الجنسية السورية و4 جنسيات أخرى لم يشملهم القرار بسبب أن أملاك الأتراك التي تمت مصادرتها لم ترجع لأصحابها بعد.
هل توجد طرق تسمح بتملك السوريين للعقارات في تركيا؟
بالطبع توجد بعض الطرق التي يُمكن من خلالها لأصحاب الجنسية السورية شراء منازل وامتلاك عقارات في تركيا، ولكن مالك العقار لا يحصل من خلالها هذه الطرق على كامل الحقوق التي يتمتع بها أصحاب العقارات في تركيا بشكل عام. من هذه الطرق:
-
تأسيس شركة في تركيا
إن تأسيس شركة في تركيا يمكنك من شراء العقارات تحت اسم الشركة التي قمت بتأسيسها، ولك الحق في استخدامها واستثمارها وبيعها فيما بعد كونك الممثل للشركة أمام الحكومة التركية. ولكن يوجد استثناءات أيضًا٬ حيث لا يحصل المشتري في هذه الحالة على الإقامة العقارية في تركيا كما لا يسعه التقدم للحصول على الجنسية التركية عبر الاستثمار العقاري في تركيا، حتى لو تجاوز ثمن العقارات التي اشتراها باسم شركته حد 250.000$.
-
إذا كان يحمل الجنسية التركية
يمكن لأصحاب الجنسية السورية الحاملين للجنسية التركية شراء العقارات في تركيا بشكل مباشر ونظامي ودون أي عوائق، وخاصةً أن آلاف السوريين حصلوا على الجنسية التركية بقرار من الرئيس رجب طيب أردوغان، ولا زالت خطة منح السوريين الجنسية التركية الاستثنائية سارية ويتم العمل بها.
-
إذا كان يحمل جنسية ثانية
يمكن لصاحب الجنسية السورية الذي يحمل جنسية أخرى من الجنسيات المسموح لها بامتلاك العقارات في تركيا أن يقوم بشراء عقار في تركيا والحصول على كافة امتيازات التملك العقاري في تركيا.
القوانين الجديدة حول تملك السوريين متعددي الجنسية للعقارات في تركيا
أصدرت رئاسة دائرة الأجانب التابعة للمديرية العامة للطابو والمسح العقاري في تركيا قوانينًا جديدة بتاريخ16.11.2021 تتضمن تعديل 5 فقرات متعلقة بتملك العقارات من قبل الأشخاص متعددي الجنسية في تركيا، بمن في ذلك أصحاب الجنسية السورية٬ وأهم ما نصت عليه هذه التعديلات ما يلي:
- يسمح للسوريين الحاصلين على الجنسية التركية تملك العقارات وتتم معاملتهم بمعاملة المواطن التركي مثلهم كمثل غيرهم من الأجانب الحاصلين على الجنسية التركية ولا يهم الجنسية الأصلية التي يحملونها.
بمعنى آخر ستتم معاملة الأجانب حاملي الجنسية التركية على أساس الجنسية التركية بغض النظر عن أصولهم بما في ذلك الجنسية السورية، لذا يمكن لأي شخص يحمل الجنسية التركية التملك في تركيا كمواطن تركي، حتى ولو كانت جنسيته الأصلية تندرج بين الجنسيات الممنوعة من التملك في تركيا.
وقد خص التعميم بالذكر الأتراك ذوي الجنسية السورية الذين عاملهم القانون في السابق بموجب الجنسية السورية فيما يخص التملك في تركيا أو فرض عليهم قيودًا معينة، تتعلق بجنسيتهم الممنوعة من التملك في تركيا.
هذا التعميم حسم الجدل حول تملك العقارات للسوريين الحاملين للجنسية التركية بشكل نهائي، وأصبح لهم الحق الكامل في التملك والتصرف في ممتلكاتهم، دون أي عوائق أو اشتراطات كأي مواطن تركي.
- السوري الحاصل على جنسية أخرى غير التركية٬ كالألمانية أو السويدية مثلًا، يُعامل معاملة المواطن السوري ولا يحق له تملك العقارات في تركيا، بغض النظر عن جنسيته الأُخرى٬ إذ يُنظر إليه في هذه الحالة حسب جنسيته الأصلية.
- المولودين في سوريا أو غيرها من الدول الممنوعة من تملك العقارات في تركيا، ولكنهم لا يحملون الجنسية السورية٬ يجب عليهم إثبات عدم حصولهم على الجنسية السورية حتى يمكنهم امتلاك العقارات دون أي عوائق.
مثال على ذلك شخص من الجنسية الفلسطينية مولود في سوريا وعاش بها، ولكنه لا يحمل الجنسية السورية٬ في حال رغبته بشراء عقار في تركيا عليه أن يُبرز ما يُثبت أنه يحمل الجنسية الفلسطينية فقط ولا يحمل الجنسية السورية.
- السوريين حاملي الجنسيات الأخرى الذين يملكون عقارات في تركيا قبل صدور التعديلات الأخيرة٬ سيتم معاملتهم بحسب الجنسية الثانية التي يحملونها٬ ولن تواجههم أي مشاكل٬ إلا في حال قاموا ببيع عقاراتهم المسجلة على الجنسية الثانية٬ فإنهم لن يتمكنوا من شراء عقارات جديدة مرة اخرى.
- بالنسبة للورثة السوريين غير الحاملين للجنسية التركية٬ سيتم النظر في حالاتهم من قبل مديرية الطابو في تركيا وإيجاد الحلول المناسبة والتي تتماشى مع مصلحة الجمهورية التركية.
