المحتوى
سنتحدث اليوم عن التضخم والركود الاقتصادي ونناقش الوقت الأنسب لبدء الاستثمار العقاري أثناء هذه المراحل ..
سنبدأ بتعريف هذه المصطلحات لأن آخر ركود اقتصادي طويل كان في عام 2008 وبالتالي الكثير من المستثمرين اليوم أصحاب الأعمار أقل من 40 سنة في ذلك الوقت غالبا لم يكونوا بدأو استثماراتهم العقارية وأيضاً من ناحية ثانية في عام 2008 أي قبل 15 عام كان انتشار الانترنت أضعف بكثير من اليوم وبالتالي نقل الأحداث وتحليلها بشكل لحظي لم يكن متاحاً كما هو اليوم ..
ما هو التضخم في الاقتصاد؟
التضخم الاقتصادي هو زيادة مستمرة ومستدامة في مستوى الأسعار للسلع والخدمات في اقتصاد معين خلال فترة زمنية محددة. يؤدي التضخم إلى تقليل قوة الشراء للعملة المحلية، حيث يمكن شراء كمية أقل من السلع والخدمات بنفس القيمة المالية.
تعتبر زيادة معدل التضخم طبيعة معقولة ومفيدة في الاقتصاد، حيث يمكن أن يشجع الاستثمار والإنفاق ويساهم في نمو الوظائف والدخل. ومع ذلك، عندما يصبح التضخم غير مستدام ويتجاوز معدلات معقولة، فإنه يمكن أن يؤدي إلى آثار سلبية على الاقتصاد والمجتمع.
تتضمن الآثار السلبية للتضخم العديد من العواقب الاقتصادية والاجتماعية، مثل تقليل قوة الشراء للأفراد والأسر، وزيادة تكاليف الإنتاج للشركات، وتشجيع الاستثمارات غير المستدامة، وتقليل القدرة التنافسية للاقتصاد في السوق العالمية.
تختلف أسباب التضخم الاقتصادي وآلياته من اقتصاد إلى آخر، وتشمل عوامل مثل زيادة الطلب على السلع والخدمات، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتضخم العرض النقدي، والتغيرات في الأحوال الجيوسياسية والسياسات الحكومية.
لمكافحة التضخم، تتبع الحكومات عادة سياسات مالية ونقدية، مثل زيادة أسعار الفائدة، وتقليص الإنفاق الحكومي، وتنظيم العرض النقدي، وتشجيع الاستثمارات المستدامة.
ما هو الركود الاقتصادي؟
الركود الاقتصادي هو فترة تتسم بها انخفاض في الأنشطة الاقتصادية على نطاق واسع في اقتصاد معين. يترافق الركود عادة مع تراجع في الإنتاج الاقتصادي، وارتفاع في معدلات البطالة، وتراجع في الإنفاق والاستثمار، وتقلص في الطلب العام على السلع والخدمات.
تكون أسباب الركود الاقتصادي متعددة ومعقدة، وتشمل عوامل مثل تراجع الثقة في الاقتصاد، وتراجع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري، وتعثر في الأنظمة المالية، واضطرابات في الأسواق العالمية، وتغيرات في السياسات الحكومية، وحوادث طبيعية أو كوارث.
يؤثر الركود الاقتصادي سلبًا على الأفراد والشركات والحكومات، حيث يزيد من معدلات البطالة ويقلص الدخل ويعوق النمو الاقتصادي. يمكن أن يؤدي الركود إلى تراجع في الاستثمارات والإنتاج، وتضاؤل الطلب على السلع والخدمات، وتراجع الإيرادات الحكومية، وزيادة في الديون والتداين.
لمكافحة الركود الاقتصادي، تعتمد الحكومات على سياسات اقتصادية تحفز النمو وتعزز الطلب، مثل خفض أسعار الفائدة، وزيادة الإنفاق الحكومي، وتشجيع الاستثمارات، وتنفيذ برامج لتعزيز الشراء الحكومي، وتقديم حوافز للشركات والأفراد لتعزيز النشاط الاقتصادي.
هذا المخطط يوضح باللون الرمادي فترات حدوث الركود الاقتصادي العالمي حيث نلاحظ في عام 2020 عند بدء الاغلاق بسبب فيروس كوفيد لدينا فترة ركود استمرت من شهر فبراير حتى شهر ابريل وهي فترة بسيطة الكثير من المستثمرين لم يدركوا وجودها إلا بعدما انتهت .
الركود الذي سبقه كان في عام 2008 بسبب الأزمة المالية العالمية وقد استمر من شهر 12 عام 2007 حتى شهر 6 عام 2009 يعني حوالي سنة ونصف.
ما هي بعض السياسات الاقتصادية التي يمكن للحكومات اتخاذها لمكافحة الركود الاقتصادي؟
هناك عدة سياسات اقتصادية يمكن للحكومات اتخاذها لمكافحة الركود الاقتصادي. ومن بين هذه السياسات:
1-سياسات مالية تحفيزية: تتضمن زيادة الإنفاق الحكومي في مشاريع البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والتكنولوجيا، وتقديم حوافز للشركات لزيادة الاستثمارات وتوفير فرص العمل. يمكن أن تشمل هذه السياسات خفض الضرائب أو تخفيض أسعار الفائدة على الاقتراض الحكومي لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الطلب.
2-سياسات نقدية تسهيلية: تشمل خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية لتحفيز الاستثمار وتشجيع الإقراض للأفراد والشركات، وزيادة السيولة المالية في الاقتصاد. كما يمكن اتخاذ إجراءات لتيسير الشروط الائتمانية لتشجيع الإنفاق والاستهلاك.
3-سياسات التحفيز الضريبي: تتضمن تخفيض الضرائب على الأفراد والشركات لتحفيز الإنفاق والاستثمار. يمكن أن تشمل هذه السياسات تخفيض أسعار الضرائب على الدخل والشركات، وتقديم امتيازات ضريبية للصناعات الحيوية والمناطق الاقتصادية الضعيفة.
4-سياسات التوظيف والتدريب: تشمل تنفيذ برامج لتدريب العمالة وتطوير المهارات لزيادة فرص العمل وتعزيز القدرات العمالية. يمكن أيضًا تقديم حوافز لتشجيع توظيف العمالة وتعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة.
5-سياسات التجارة الخارجية: تتضمن تعزيز الصادرات وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات المحلية، وتقليل القيود التجارية وتوسيع فرص الوصول إلى الأسواق الخارجية. يمكن أن تشمل هذه السياسات توقيع اتفاقيات التجارة الحرة وتنفيذ سياسات حماية الصناعات المحلية.
تتفاوت السياسات المطبقة بين البلدان وتعتمد على الظروف الاقتصادية والسياسية الخاصة بها. قد يتم تنفيذ سياسات متعددة في نفس الوقت لتحقيق أقصى فائدة في مكافحة الركود الاقتصادي.
أين نحن اليوم ؟
بالطبع تختلف حالة الاقتصاد من حيث التضخم والركود من بلد لأخر , فبعض البلدان ذات العملات ضعيفة الاستقرار (مثل الليرة التركية ) ترتفع فيها نسب التضخم بشكل متسارع وأيضاً تنخفض بنفس الطريقة لاحقاً.
الدول ذات الاستقرار في سعر صرف العملة المحلية مثل دول الخليج ذات العملة المربوطة بالدولار يكون التضخم فيها أقل من باقي الدول.
هناك الكثير من النقاط المؤثرة في التضخم والركود واليوم سنتناول الحديث عن تركيا لأنها البلد الذي نتكلم فيه عن الاستثمار العقاري فيه .
حسب التقرير الأخير الصادر من معهد الاحصاء التركي يوضح أن نسب التضخم لشهر 8 في عام 2023 وصلت إلى 58.94% على أساس سنوي (وهي ترتفع الآن بسبب ازدياد أسعار النفط في العالم والنفظ يدخل في حساب نسب التضخم العام)
كانت ذروة التضخم تقريباً قبل سنة من الآن في شهر 8 من عام 2022 عند 80.21% .
وقد سبب هذا التضخم العالمي بشكل رئيسي طباعة حوالي 5 تريليون دولار الذي قامت به الحكومة الأمريكية بهدف تقديم حزم دعم للمواطنين (الذي كان معظمهم أصلا ما زالوا يعملون في وظائفهم) مما أدى لزيادة الطلب العالمي على الكثير من المنتجات من جهة وخلل في سلاسل التوريد من جهة آخرى .
هناك العديد من الأسباب الثانوية المؤثرة أيضاً ولكن ما يهمنا هو أن ندرك أن انخفاض سعر أي منتج أو خدمة اليوم في ظل الركود الاقتصادي الحاصل أصلاً في الكثير من المجالات في كل دولة على حدى هو بسبب الاجراءات التي تتخذها الحكومات من رفع الفائدة وتصعيب القروض العقارية وغيرها وليس بسبب خلل حقيقي في هذا العقار أو الخدمة.
وقد شاركنا مقالاً تكلمنا فيه عن التضخم والركود منذ شهر 10 عام 2022 يمكنكم العودة إليه للاطلاع: أنقذ اموالك من التضخم في 2023 ومن الركود الاقتصادي في 2024
ماذا بالنسبة لأسعار العقارات ؟
لا شك أن التضخم المرتفع ستعالجه الحكومات من خلال سياسات التشديد النقدي وعلى رأسها رفع معدلات الفائدة وهذا ما يعني أن القروض العقارية ستصبح صعبة المنال فعلاً.
وهذا بدوره سيؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات , يمكنكم العودة إلى مقالنا المخصص عن انخفاض أسعار عقارات اسطنبول لأخذ فكرة أوسع عن أنواع العقارات التي ستنخفض أسعارها.
بما أن الطلب المحلي يشكل 97% من مجموع العقارات التي يتم بيعها اليوم في تركيا فلا بد أن الصعوبات التي تفرضها البنوك على القروض العقارية ستسبب في انخفاض كبير للطلب بشكل مؤقت حتى انتهاء فترة التشديد النقدي.
وهذا يعني أن هناك فرص استثمارية مميزة ستتشكل للمستثمر الأجنبي الذي لا يستخدم القروض البنكية لشراء عقاره , فهل هذا صحيح؟
في الحقيقة الإجابة على هذا السؤال هي نعم ولا بنفس الوقت و تحتاج إلى تفصيل
العقارات التي تنخفض أسعارها بسبب قلة الإقبال هي العقارات السكنية التي يقصدها المواطنون المحليون بشكل أساسي لشرائها من خلال القروض العقارية , وبالتالي ستنخفض أسعارها بنسب متفاوتة حسب قوة المطور المالية وقدرتها على تقليص أرباحه عند عرض هذه العقارات بأسعار جديدة تناسب الوضع الاقتصادي الصعب.
وأيضاً عقارات إعادة البيع المستعملة ممكن أن تنخفض أسعارها بسبب صعوبة الحصول على القروض البنكية لشرائها .
ولكن كلا هذين النوعين لا يمثلان العقارات الاستثمارية الأفضل , لأن الاستثمار في اسطنبول يبدأ من مشاريع قيد الإنشاء في المناطق المركزية المبنية من قبل مطورين عقاريين مرموقين حصراً.
وبالتالي إذا كان هدفك شراء عقار سكني أو عقار مستعمل يمكنك الانتظار فترة أخرى حتى تصل معدلات رفع الفائدة إلى ذروتها وعندها ستجد أرخص سعر ممكن أن تصل له هذه العقارات .
أما إذا كان هدفك شراء عقار استثماري فأنت تتعامل أصلاً مع مطور عقاري قوي مالياً ويختار مكان استراتيجي عليه طلب مرتفع وبالتالي لا يعتمد المستثمرون المحليون على قروض عقارية طويلة للاستثمار في هذا النوع من المشاريع ,وهذا يعني أن أسعار العقارات الاستثمارية الصحيحة لن تتأثر بالتضخم والركود بشكل كبير.
هل أشتري اليوم أم أنتظر ؟
الخيار بالتأكيد يعود لك ولا يوجد وصفة سحرية لاختيار الوقت الأمثل يمكننا فقط توضيح أن الأسعار الحالية في المشاريع الاستثمارية مستقرة ولم تنخفض كما انخفضت أسعار العقارات السكنية وأعمال الإنشاء ما زالت قائمة وبالتالي لا يوجد نقص في السيولة عند المطور العقاري.
وهذا يعني أنك إذا بدأت استثمارك الآن غالباً لن تنخفض الأسعار وحتى لو حصل بنسبة ضئيلة ستكون مؤقتة ليعاود الارتفاع من جديد (ما دام ذروة التضخم مرت أصلاً ) .
أما إذا أجلت البدء باستثمارك فيجب أن تعرف أن العقارات قيد الإنشاء يرتفع سعرها باستمرار عند اقتراب التسليم شهراً بعد شهر وبالتالي يمكن أن تفوت الفرصة وأنت ما زلت تنتظر السعر الأفضل .
أوقات التضخم والركود هي فرص مثالية لزيادة الاستثمارات العقارية وليست أوقات مناسبة لجني أرباح الاستثمارات السابقة وهي نقطة في غاية الأهمية اليوم.
حيث ينظر المستثمر إلى عقاره الذي اشتراه سابقاً أن هناك انخفاض فيه سعره (بشكل نسبي حسب مواصفات هذا العقار) وبالتالي يقرر بيع عقاره اليوم بدلاً من توسيع استثماراته وجني أرباحه المضاعفة لاحقاً عند انتهاء التضخم .
يمكنك دوماً الحصول على استشارة عقارية احترافية ومجانية من خلال التواصل معنا.